منهجية قولة مرفقة بسؤال أو مطلب (أمثلة تطبيقية)
القولة
المرفقة بسؤال أو مطلب هي صيغة من الصيغ الثلاثة التي يمكن للتلميذ أن يختار
الإجابة عنها، لذلك وجب الاطلاع على منهجية معالجتها والإجابة عن السؤال أو المطلب
من خلالها، وتجنب الأخطاء الشائعة الكثيرة التي يرتكبها التلاميذ أثناء ذلك.
ولنأخذ كمثال هذا السؤال:
أولا: مستوى الفهم (المقدمة)
في هذا المستوى
يكون التلميذ مطالبا بالتمهيد للموضوع الذي تعالجه القولة، من خلال التدرج مما هو
عام وشامل، إلى ما هو خاص ومحدد، كما يلي:
·
تأطير القولة، من خلال
تحديد المفهوم الذي تعالجه، والإشكالية التي تثيرها، وهنا لابد من تجنب
العبارات المتداولة، التي تفصل كل نقطة عن الأخرى، فيجب أن يكون التأطير بعبارات
منسجمة تثبت ترابط الموضوع، مثلا كأن نقول: تسلط
القولة التي نحن بصدد معالجتها الضوء على إحدى أعقد الإشكاليات المطروحة في الوضع
البشري بصفة عامة، والمرتبطة بمفهوم الشخص بشكل أكثر تحديدا. ويتعلق الأمر هنا
بإشكالية الشخص بين الضرورة والحرية.
·
صياغة المفارقة التي يتضمنها موضوع القولة،
أي توضيح وجه التناقض في الموضوع، والذي جعل من هذا الموضوع إشكالية فلسفية عميقة،
فيمكننا مثلا القول: نحن غالبا ما ننظر إلى
الإنسان على أنه حر، يختار أفعاله بنفسه، لكننا نجده في نفس الوقت يقترف أفعالا
تضره، كأن يقتل مثلا بدافع الانتقام فيندم على ذلك فيما بعد.
·
صياغة التساؤل المعبر عن هذه
الإشكالية، وهو عبارة عن أسئلة مترابطة ومتدرجة، توجه العرض وتنظم محاوره. كالقول
مثلا هنا: فإلى أي حد يمكن النظر إلى الشخص ككائن
حر؟ أليست حريته مجرد وهم؟ أم أن الشخص يختار كل أفعاله الصحيحة منها والخاطئة؟
ثانيا: مستوى التحليل والمناقشة. (العرض)
أ) التحليل:
إذا كانت منهجية السؤال كما
ذكرناها في مقال سابق تتطلب توضيح الإشكال في التحليل، وإذا كانت منهجية النص تستوجب فهم الأطروحة واستثمار أفكار النص وأساليبه الحجاجية، فإن تحليل
القولة يهدف إلى الكشف عن أطروحتها، والتوسع فيها، وهو ما يستدعي ما يلي:
· تحديد أطروحة
القولة، باعتبارها جوابا عن الأسئلة التي طرحناها في التقديم، لذلك يجب أن يكون
هذا الجواب دقيقا وواضحا فهنا يمكننا القول مثل: تتضمن
القولة أطروحة تفيد أن حرية الشخص مجرد وهم، فالشخص محكوم بالحتمية.
·
تحديد المفاهيم وفق سياق القولة، وبما
يناسب الأطروحة التي تتبناها، فنحن هنا أمام مفهوم
الشخص، الذي يتوسط مفهومي الضرورة
والحرية. وهنا تجدر
الإشارة إلى أن تعريف المفاهيم لا يتم بوضعها على شكل عوارض، بل بالربط بينها، كالقول
مثلا: فالشخص هو كائن عاقل يتوهم أنه يتمتع
بالحرية والإرادة (تعريف الشخص وربطه بالحرية)، أي أنه يعتقد بأنه قادر على اختيار أفعاله دون الخضوع
لأي إكراه (تعريف الحرية وإبراز علاقتها
بالحتمية)، أما الحتمية فهي الخضوع لضرورات
تحول دون تمتع الشخص بالحرية، ساء تعلق الأمر بالمحددات الذاتية كالغرائز مثلا، أو
المحددات الخارجية التي تفرضها الحياة المشتركة.
·
تحليل الأطروحة والإجابة عن السؤال أو
المطلب المرتبط بها بأساليب حجاجية متنوعة، ويتطلب الأمر هنا الاعتماد على أساليب
مفترضة، لأن القولة لا تفصِّل في الأطروحة كما هو الشأن بالنسبة للنص، لذلك وجب
على التلميذ الاعتماد على كل ما من شأنه توضيح الفكرة التي تدافع عنها، من أمثلة
ومقارنات وبناء منطقي وغيرها.
ب) المناقشة:
مناقشة
القولة تستدعي إبراز قيمتها وحدودها من جهة، من خلال الاعتماد على موقف فلسفي
يتبنى نفس الطرح، فنؤكد قوة وقيمة أطروحة القولة من خلاله. والانفتاح على إمكانيات
أخرى تتجاوز أو تعارض هذا الطرح، أيضا بالاعتماد على موقف فلسفي، لكنه هذه المرة
موقفا معارضا لأطروحة القولة.
ملاحظة
هامة: هناك من يقول بأن القيمة هي
أن تذكر بأن هذه الأطروحة لها قيمة تاريخية... فتذهب إلى الموقف المؤيد، والأمر
ليس كذلك، فإبراز القيمة يعني تأييد القولة بموقف فلسفي، فتذهب به من خلاله إلى أقصى حدودها، وذلك حسب الإطار المرجعي
لمادة الفلسفة كما هو موضح أدناه:
·
توضيح العلاقة بين موقف وآخر سواء كان
مدعما أو معارضا له، بحيث ينبغي توضيح أوجه الاتفاق أو أوجه التعارض.
·
يتم الانتقال من موقف إلى آخر بطريقة
سلسة تراعي حسن الربط بين فقرات النص.
·
دعم المواقف المندرجة في المناقشة
بالأساليب الحجاجية الممكنة، حتى يتم توضيح وجهة نظر أصحابها والدفاع عنها.
·
عند الانتقال من موقف إلى موقف آخر
معارض، ينبغي إبراز ضعف حجة الأول، أو عدم كفايته لمعالجة المفهوم المطروح، ليكون
الانتقال إلى الموقف المعارض مبررا.
·
ينبغي أثناء المناقشة مقابلة الأفكار
ومناقشتها، وليس الاكتفاء باستعراض المواقف.
ثالثا: مستوى التركيب (الخاتمة)
كما قلنا من قبل في منهجية السؤال ومنهجية النص، فإن الخلاصة تتطلب استخلاص
نتائج واستنتاجات من التحليل والمناقشة، وليس مجرد تلخيص ما سبق، مع إمكانية ذكر
موقف شخصي مبني بحجج ودلائل.