مجزوءة الوضع البشري | مفهوم الشخص | محور: الشخص بين الضرورة الحرية
جديد

مجزوءة الوضع البشري | مفهوم الشخص | محور: الشخص بين الضرورة الحرية

الشخص بين الضرورة والحرية,الشخص بين الضرورة والحرية سبينوزا,الشخص بين الضرورة و الحرية,محور الشخص بين الضرورة والحرية,الشخص بين الضرورة والحرية فرويد,الشخص بين الضرورة والحرية جان بول سارتر,الشخص بين الضرورة والحرية المواقف,الشخص بين الضرورة والحرية ثانية باك,شرح مبسط لدرس الشخص بين الضرورة والحرية,المحور الثالث : الشخص بين الضرورة والحرية :,الشخص,الفلسفة الشخص بين الضرورة و الحرية,محور الشخص بين الضرورة و الحرية,الشخص والهوية,الشخص بين الحرية والضرورة,الضرورة و الحرية

مجزوءة الوضع البشري | مفهوم الشخص | محور: الشخص بين الضرورة الحرية

1) إشكال المحور:

        عادة ما يوصف الشخص بالإرادة والحرية باعتباره ذاتا واعية، أي أنه حر بطبيعته لكونه قادرا على اختيار أفعاله وتحديد مصيره. لكن الملاحظ أنه يفقد في بعض الأحيان الشعور بحريته، وتتملص أفعاله من قبضة إرادته، كما يحصل مثلا في حالة الغضب.

         فهل نستطيع القول في هذه الحالة أن الشخص خاضعا لضرورات تحول دون تمتعه بالحرية؟ هل يخضع هو الآخر للقانون الطبيعي المطلق على غرار الحيوانات؟ ألا تمنحه إنسانيته الحرية المطلقة؟ أليس الشخص مسؤولا عن أفعاله باعتباره قادرا على اختيارها؟

2) الحتميات الذاتية للشخص:

 موقف سيغموند فرويد  S.Freud(1856-193820 من كتاب منار الفلسفة).

تتشكل بنية الشخص النفسية من قوتين متعارضتين، فهو يولد محملا بمجموعة من الغرائز التي يؤطرها الهو، باعتباره القوة التي تدفع الشخص إلى الميل نحو هذا الموضوع أو ذاك، وهذا الجانب يشتغل وفق مبدأ اللذة، التي يسعى الشخص جاهدا للاستمتاع بها، لكن ما يعترض سبيل الهو هو الأنا الأعلى، الذي يقف على النقيض من قوة الغرائز والأهواء، لأن الأنا الأعلى يخضع لمبدأ الواجب، باعتباره يمثل مجموع المبادئ والقيم السامية التي يتلقاها الشخص خلال تنشئته الاجتماعية. وتنضاف إلى هاتين القوتين الذاتيتين قوة ثالثة من مصدر خارجي، ويتعلق الأمر بالرقابة الاجتماعية التي يمارسها العالم الخارجي.

       في خضم مواجهة الشخص لهذه القوى التي تتجاذبه نحو أطراف متناقضة، يفقد حريته، ولا يتمكن من السيطرة على أفعاله أو السلوك وفق ما يرضي جميع الأطراف.

موقف باروخ اسبينوزا 1632-1677. منار الفلسفة ص 21.

                يرى اسبينوزا أن الإنسان يخضع كغيره من الكائنات لقانون طبيعي مطلق، يتحكم فيه كما يتحكم في الجمادات، لذلك لا يمكن الحديث عن أي وجه من الحرية يمكن أن يتمتع بها الشخص. فالشخص يدرك أفعاله ولا يدرك أسبابها، أي أنه يعرف الفعل بحكم تميزه عن غيره من الكائنات بالعقل، لكنه لا يختار الفعل، لأنه خاضع لميولات ورغبات ودوافع خارجة عن إرادته.

          وفي هذا السياق يستدل اسبينوزا على موقفه هذا بأن الشخص يدرك الأفضل ويتبع الأسوأ، أي أنه لا يستطيع اختيار الفعل الذي يراه خيرا. كما أن الشخص يفعل الفعل ويندم عليه. هذه تعد مؤشرات واضحة على وجود قوة طبيعية تجرف الإنسان إلى هذا الاختيار أو ذلك.

        انطلاقا من ذلك فحرية الشخص مجرد وهم، هي فقط فكرة واهية توجد في خيال الناس، ولا وجود لها في الواقع.

قيمة الأطروحة وحدودها.

    كان لفلسفتي اسبينوزا وفرويد دورا كبيرا في الكشف عن خفايا الإنسان، خصوصا ما قدمه فرويد في التحليل النفسي. وقد تمثل ذلك هنا في إماطة اللثام عن القيود الذاتية التي قد يغفلها الإنسان في الحديث عن حريته.

   لكن القول بخضوع الإنسان التام لهذه المحددات الطبيعية والنفسية قول مبالغ فيه، يؤدي إلى إقصاء تام لإرادة الإنسان وقدرته على الإبداع والاختيار والفاعلية. فكيف يمكن تجاوز هذه النظرة السلبية لحرية الشخص؟

موقف ج.ب.سارتر  J.P.Sartre1905-1980:)ص 23 من مباهج الفلسفة)

       رفض سارتر الاعتراف بأية حتمية تجبر الإنسان على القيام بأفعال خارج إرادته، ورأى في مقابل ذلك أن الشخص يتمتع بحرية مطلقة، تجعل حياته بكل تفاصيلها وليدة لاختياراته الحرة والمسؤولة، وهنا يربط سارتر حرية الإنسان بمسؤوليته، فهو مسؤول في اختياراته عن نفسه وعن الآخرين، ولو لم يكن متمتعا بالحرية المطلقة لما أمكننا تحميله مسؤولية أفعاله.

     في سياق ذلك رأى سارتر أن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يسبق وجوده ماهيته، ذلك أنه يوجد في البداية دون خصائص تميزه، فيعمل بعد ذلك على تحديد مصيره بنفسه، فهو مشروع ملقى نحو المستقبل، لذلك نجده دائم الإنتاج لذاته، يعيد النظر في اختياراته باستمرار، ويحاول أن يطور من نفسه بتجاوز الأخطاء التي يقع فيها.

3) خلاصة تركيبية:

       شهدت مسألة حرية الشخص تعارضا كبيرا بين الفلاسفة، فقد جعل التحليل النفسي الشخص خاضعا لحتميات يفرضها اللاشعور الذي يتحكم في اختيارات الشخص ويتدخل في سلوكاته، الأمر الذي لم يوافق عليه التيار الوجودي الذي رأى أن وجود الشخص متميزا بالحرية المطلقة في اختياراته وتوجهاته. وفي خضم هذا التعارض، كانت هذه الإشكالية ولازالت من أعوص المسائل التي تعرضت لها الفلسفة، وذلك لتعدد محددات الشخص.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-