مجزوءة السياسة: مفهوم الدولة
جديد

مجزوءة السياسة: مفهوم الدولة


مفهوم الدولة,الدولة,مجزوءة السياسة مفهوم الدولة,شرح مفهوم الدولة,ملخص مفهوم الدولة,مفهوم الدولة الاسلامية,مشروعية الدولة,مشروعية الدولة وغاياتها توماس هوبز,مجزوءة السياسة الدولة,الدولة بين الحق والعنف,مشروعية الدولة وغاياتها,ما معنى الدولة,مفهوم,مشروعية الدولة وغاياتها pdf,/الدولة :,مشروعية الدولة وغاياتها مقدمة,قضية الدولة,مشروعية الدولة وغاياتها سبينوزا,وظائف الدولة,المحور الثالث : الدولة بين الحق والعنف :,الدولة المغربية,الدولة الجزائرية,الدولة الإسلامية
المجزوءة الثالثة: السياســــــة.
    تقديـــم المجزوءة:

      عمل الفلاسفة والمفكرون في مختلف الحقب التاريخية على البحث عن سبل تتيح إمكانية الحفاظ على الحياة البشرية المشتركة، ذلك أن الإنسان محكوم بطبيعة قد تحول دون مسالمة الفرد للآخرين. ومن هنا ظهر علم السياسة كمجموعة من النظريات التي تعنى بعقلنة القوة، وجعلها في خدمة الإنسان. وفي خضم ذلك وكثمرة مهمة لهذا الاشتغال الفكري على مبحث السياسة انبثق مفهوم الدولة. فالدولة نظام من المؤسسات والأجهزة والقوانين التي تعمل على حفظ أمن واستقرار الفرد داخل المجتمع، لذلك أضحت الدولة شرط أساسي لحياة الإنسان فردا كان أو جماعة. وعلاقة بالدولة ــــ ومن بين أهم أهداف كل موقف أو نظرية سياسية ــــ توزيع الحقوق بشكل يضمن العدالة بين الأفراد، وجعل التمتع بالحق مرهونا بالخضوع للواجب، وفصل الحق عن القوة التي كانت تسنده في الحياة الطبيعية. فكان مفهوم الحق والعدالة ــــــ بناء على ذلك ـــــ أحد أبرز المفاهيم في مجزوءة السياسة. إلى جانب مفهوم العنف الذي حاول الفلاسفة الوقوف على طبيعته وأشكاله وأسباب بروزه في الحياة الإنسانية.

  وهكذا سيكون الاشتغال على مجزوءة السياسة بحث في الإشكاليات التي تطرحها هذه المفاهيم، والصعوبات التي اعترضت الفلاسفة في التنظير لحياة منظمة تضمن التمتع بالحق من جهة وتعقلن العنف من جهة ثانية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الدولــــــة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تقديــم المفهــوم:
     تعبر الدولة عن نظام يخضع الأفراد بموجبه لهيئة حاكمة تسهر على تشريع القوانين وتنفيذها بشكل يضمن حقوقهم. ومن أجل ذلك توضع تحت تصرف هذه الهيئة السلطة والقوة الكفيلتين بردع كل من أراد الخروج عن القوانين التنظيمية للحياة الاجتماعية داخل هذه الدولة. وهو الأمر الذي طرح مجموعة من الصعوبات المتعلقة بطبيعة السلطة التي ينبغي أن يتمتع بها الحاكم، وكذا السبل المتاحة له لضمان استقرار الدولة.
فمن أين تستمد الدولة مشروعيتها؟ وما طبيعة السلطة السياسية؟ وهل يمكن تصور دولة بدون عنف؟
ـــ المحور الأول: مشروعية الدولة وغاياتهاــــــ
1)إشكال المحور:
   بأي معنى يمكن القول أن مشروعية الدولة مرهونة بغاياتها؟ وهل يمكن النظر إلى الدولة كوسيلة يحقق عبرها الأفراد غاياتهم الاجتماعية؟ أم أن الدولة غاية في ذاتها؟
2)غايات الدولة ورهان المشروعية:

أولا: تحليل النص:
   تحليل نص باروخ اسبينوزا ص 131 من كتاب "في رحاب الفلسفة"

                     أطروحة النص:
يرى اسبينوزا أن الغاية من الدولة هي تحرير الفرد من الخوف وضمان حريته في التفكير والتعبير، فتفقد مشروعيتها انطلاقا من ذلك عندما ترهب الأفراد لتخضعهم لسيادتها.
البنية الحجاجية:
        الأسلوب المستعمل
            المؤشرات الدالة عليه في النص
                                  مضمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــونه
           النفي

"        ليست السيادة ... ليس تحويل الناس..."
ينفي صاحب النص أن تكون الغاية من الدولة إرهاب الناس لإخضاعهم لسيادتها، وتحويلهم إلى كائنات مطيعة يتلخص دورها في تنفيذ الأوامر.
          التأكيد

"        إن الغاية القصوى..."
أكد في المقابل على أن الغاية الأساسية من الدولة هي تحرير القرد من الخوف والخضوع للقوي الذي كان يسود في الحالة الطبيعية.
          الشرط            

        "ما كانوا ليعيشوا ... لو لم يتخل..."
لما كان العيش بسلام مرهون بقيام الدولة، التجأ الإنسان إليها.
          استنتاج

"        وعلى ذلك فإن...."
استنتج صاحب النص بعد سرد الحقوق الطبيعية التي يحتفظ بها الفرد في ظل الدولة أن الحق الوحيد الذي يتنازل عنه الفرد هو السلوك وفق ما تمليه الغريزة.
استنتاج:
يمكننا أن نستنج من خلال تحليل هذا النص أن تأسيس الدولة وتعيين النظام الحاكم وتمكينه من السلطة وتعزيز هذه السلطة بالقوة لم يكن سوى وسيلة يهدف الإنسان من خلالها إلى حفظ حقوقه وحماية حريته.
ثانيا: مستوى المناقشة:
موقف جون لوك.
   يعرف جون لوك الدولة تعريفا ينسجم مع تصور رواد العقد الاجتماعي، على اعتبار أنها تعاقد اختار الأفراد الانتقال بموجبه من الحياة الطبيعية إلى الحياة المدنية، فالدولة بهذا المعنى أنشئت من أجل خدمة الأفراد، وحماية حقوقهم المدنية،

المتمثلة في الأمن والحرية وحماية الممتلكات، وذلك بما تقتضيه القوانين الوضعية التي يحرص الحاكم على الالتزام بتطبيقها، فالحاكم المدني يُعنى بتفعيل ما يجمع عليه الأفراد، دون أن يمنح لنفسه حق ممارسة الوصاية الدينية أو الأخلاقية على الشعب، على اعتبار أن هذه المهام خارجة عن نطاق الحياة المدنية. والتدخل فيها يفقد الدولة مشروعيتها المستمدة من الأفراد.
موقف هيغل:"منار الفلسفة" ص 130.
يرفض هيغل التصورات التي تجعل للدولة غايات خارج الدولة نفسها، كأن تكون الغاية من الدولة مثلا حماية الأفراد أو حفظ ممتلكاتهم، فالدولة هي غاية في ذاتها، لا وسيلة لتحقيق غايات معينة.
إن الدولة هي الفكرة الأخلاقية الموضوعية، فهي مبدأ روحي يسري في المجتمع، وتعبر عن تحقق وتجلي العقل الكلي المطلق، لذلك فمصلحة الأفراد كأفراد ليست هي الغاية التي اجتمعوا من أجلها، بل إن هذا الاجتماع هو غاية في حد ذاته، وليس للفرد من الموضوعية والأخلاق والحقيقة إلا بمقدار انخراطه في الدولة، فمصير الأفراد رهين باجتماعهم.
ثالثا: مستوى المناقشة:
        اختلفت التصورات في تحديد مشروعية الدولة وغاياتها، فإذا كان جون لوك واسبينوزا قد ربطا مشروعية الدولة بحفظ أمن الأفراد واستقرارهم، وضمان حريتهم، فإن هيغل رفض ذلك، كونه يرى أن الدولة غاية في ذاتها، لا وسيلة لتحقيق غايات أخرى.
ـــ المحورالثاني: طبيعة السلطة السياسية ــــــ
1)إشكال المحور:
     يقتضي بناء الدولة تسليم السلطة لجهة يخول لها السهر على تكريس النظام العام، وفرض القوانين بالشكل الذي يضمن عدم انتهاك الأفراد لحقوق بعضهم البعض، فما طبيعة السلطة التي تمارسها الدولة؟ هل يمتع الحاكم بسلطة مطلقة تمكنه من التحكم في الأفراد؟ أم أن سلطته مقيدة وشروطة؟
2)طبيعة السلطة بين الجمع والفصل:
موقف توماس هوبز (1588ــــ 1678).  الفلسفة السياسية من أفلاطون إلى ماركس.
   إن الطبيعة البشرية لا تضمن للإنسان التنعم في السلام الدائم، ولا يأمن خلالها على نفسه، ولا على ممتلكاته، لذلك اجتمع الناس واتفقوا على التنازل عن سلطاتهم لحاكم أو لهيئة يدينون لها بالسلام والحماية، فبدون هذه الهيئة أو هذا الحاكم لا يمكن ضمان حماية العقد الاجتماعي المبرم بين أفراد المجتمع، فلا عقود ولا عهود إلا في ظل وجود قوة تمتلك السيادة على الجميع.
   بناء على ذلك فتعيين الحاكم وتسليمه السلطة يؤدي بشكل طبيعي إلى تنازل الجميع عن ميولاتهم وقوتهم لفائدة الحاكم الذي يقرر ما يراه صالحا لرعاياه، ويسن القوانين التي تلائمهم، وبهذا تكون سلطته مطلقة لا يشاركه فيها أحد.
موقف جون لوك، "منار الفلسفة" ص 133.
      تستمد السلطة السياسية من الأفراد أنفسهم، الذين يتفقون على اختزال أعدادهم الكبيرة في جماعة واحدة، وهذه الجماعة تمثلها هيئة واحدة، وهي التي تشكل السلطة، فكيف تتخذ هذه الهيئة قراراتها؟

      إن الهيئة التي تعاقد الأفراد على إنشائها وإعطائها صلاحية التصرف، لا يمكن أن تسلك إلا وفق ما يتفق عليه الأفراد، ولما كان الأفراد مختلفون من حيث رغباتهم، ومصالحهم، فإن الهيئة التي تمثلهم تتحرك وفق ما دعت إليه الأغلبية، حتى لا تكون قراراتها خاضعة لأهواء فرد من هذه الجماعة.
       وبناء على ذلك، يكون الأفراد هم واضعي السلطة، والخاضعين لها في نفس الوقت، مما يمكنهم من حل الحكومة وتغييرها متى لمسوا إخلالا في العقد من طرف الحاكم، لأن هذا الأخير لا يملك حق التحكم في الأفراد وفق رغبته، بقدر ما هو خاضع لشروط يضعها الأفراد.
موقف مونتسكيوMontesquieu    (1689ـ 1755)،"منارالفلسفة" ص 132.
     يرى مونتسكيو أن السلطة السياسية تنقسم إلى ثلاثة أنواع، سلطة تشريعية، والتي تحدد حقوق الأفراد وواجباتهم، وسلطة تنفيذية متعلقة بحقوق الناس، التي يتحدد دورها في حماية الدولة من المخاطر الخارجية، وسلطة تنفيذية متعلقة بالحق المدني، والتي تعمل على الفصل في النزاعات بين الأفراد، فتنصف المظلوم وتعاقب الظالم.
    من خلال هذا التقسيم، يدعو مونتسكيو إلى الفصل بين هذه السلطة، وعدم وضعها في يد حاكم واحد أو هيئة واحدة، لأن هذه سيحول دون تمتع الأفراد بالحرية، وسيكون الحكم استبداديا.
رغباتهم، ومصالحهم، فإن الهيئة التي تمثلهم تتحرك وفق ما دعت إليه الأغلبية، حتى لا يكون تحركها خاضعا لأهواء فرد من هذه الجماعة.
3) خلاصة تركيبية.

    على الرغم من الاختلاف الذي قد يبدو بين المواقف التي عالجناها، إلا أنها تجسد في مجموعها تمظهرات وأشكال السلطة السياسية، هذه السلطة التي تستمدها الدولة من إجماع مواطنيها على تمثيلهم والتحكم في نظامهم، الأمر الذي قد يستغله الحاكم الذي يستولي على جميع السلط، التشريعية منها والتنفيذية والقضائية لممارسة الاستبداد والظلم، وذلك ليس فقط بفضل أجهزة القمع التي يبدو تسخيرها جليا، بل أيضا باعتماد أجهزة إيديولوجية، التي تسخر في مجالات لا تفصح فيها عن نفسها.
1)  إشكال المحور:
  تمارس الدولة سلطتها اعتمادا على مجموعة من الوسائل كما تبين لنا ذلك من خلال المحور الثاني، ويعد احتكار القوة وممارسة العنف إحدى أبرز هذه الوسائل، فهل يعتبر العنف وسيلة لا مناص منها لحفظ الأمن وحماية الأفراد داخل الدولة؟ أم أن حفظ الحقوق واحترام الحريات العامة هي الأسس التي تنبني عليها الدولة؟ وهل يمكن أن تستقر الدولة إذا ما تمسكت بإحدى هاتين الوسيلتين دون الأخرى؟

2)  العنف أساس الدولة:
أولا: تحليل النص
تحليل نص ماكس فيبرM.Weber(1864ـ 1920)، "في رحاب الفلسفة" ص 135.
أطروحة النص:
    إن العنف هو الوسيلة الوحيدة للدولة، لأنها التجمع السياسي الوحيد الذي يحتكر امتلاك وسائل القوة، والحق في ممارسة العنف، وبذلك فعنف الدولة عنف مشروع.

البنية الحجاجية:
اعتمد صاحب النص على مجموعة من الأساليب الحجاجية للدفاع عن أطروحته، نذكر منها:
أسلوب التعريف: رأى صاحب النص أن تعريف الدولة سوسيولوجيا لا يمكن أن يتم إلا من خلال الحديث عن أبرز ما يميزها، لذلك فلا بد من ربط مفهوم الدولة بالعنف. فالدولة حسبه هي التجمع البشري الذي يطالب داخل مجال ترابي باستخدام العنف المادي لخدمة غاياته.
أسلوب الاستشهاد: استشهد فيبر بقولة تروتسكي " كل دولة تنبني على القوة"، من أجل إبراز دور العنف في الدولة، وذلك للدور الذي لعبه هذا السياسي في القضاء على أعداء الثورة البلشفية بالقوة.
أسلوب النفي: ينفي صاحب النص أن يكون لأحد داخل الدولة الحق في الالتجاء إلى العنف، فالعنف خاص بالدولة.

       ثانيا : المناقشة

موقف نيكولا ميكيافيل، "في رحاب الفلسفة" ص 133.
  يرى ميكيافيل أن الأمير ينبغي أن يجيد وسيلتين معا ليستطيع إدارة الدولة؛ القانون والقوة. فالاعتماد على إحداهما دون الأخرى يؤدي حتما إلى الفشل، لذلك يجب "استعمال أسلوب الحيوان وأسلوب الإنسان على حد سواء".

إن اللجوء إلى إرهاب الناس فقط لا يفي بالغرض المطلوب، لذلك يجب على الأمير أن يتعامل بالرحمة والوفاء والإنسانية، حتى وإن لم تكن هذه من صفاته الحقيقية، لكن مع قدرته على إظهار الوجه الآخر إذا اقتضى الأمر ذلك.
موقف جاكلين روسJ.Russ (1934ـ 1999)،"منار الفلسفة" ص 13                    
  تتأسس دولة الحق على احترام الحريات العامة، مما يدفعها إلى ممارسة معقلنة للسلطة، تراعي فيها الحق والقانون، واحترام الأفراد وضمان حرياتهم وكرامتهم. وهذا يشكل جوهرا لسلطة تعمل القوى السياسية على توجيهها نحو تحقيق المصلحة المشتركة، بدون اللجوء إلى القوة والعنف والإرهاب.

إن هذه الأهداف النبيلة التي تقوم عليها دولة الحق لا يتم بلوغها إلا في ظل فصل السلط، وجعل الحق والقانون فوق كل الاعتبارات وكل القوى.
      ثالثــــا: التركيب.
        اختلفت المواقف في تصور الدولة بين الحق والعنف، فإذا كان ماكس فيبر قد رأى في العنف الوسيلة الأبرز للدولة، وإذا كان ميكيافيل قد رأى في الجمع بين القوة والقانون مرجعا لإدارة الدولة وتسيير شؤونها، فإن جاكلين روس قد رأت في مقابل ذلك أن احترام الحقوق والحريات وتجنب العنف هو ما يضمن استقرار دولة الحق. وقد حاولت هذه التصورات على الرغم من اختلافها أن تتوصل إلى سبل ضمان استقرار الدولة، ومنع محاولات الانفلات التي قد تصدر عن الأفراد.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-