مجزوءة الفاعلية والإبداع | مفهوم الشغل.
جديد

مجزوءة الفاعلية والإبداع | مفهوم الشغل.

 

مفهوم الشغل,الشغل,مفهوم القدرة و الشغل,المفهوم الفيزيائي للشغل,(الشغل والطاقة) ما مفهوم الشغل؟ ما مفهوم الطاقة؟,ماهو الشغل ؟,ما الشغل,مفهوم القدرة,مفهوم الطاقة,تقسيم الشغل,درس الشغل,وحدة الشغل,حساب الشغل,تعريف الشغل,قانون الشغل,تلخيص الشغل,ماهي وحدة قياس الشغل,اشكالات الشغل,المحور الاول الشغل خاصية انسانية,وحدة قياس الشغل,تقديم درس الشغل,الشغل والفيزياء,الشغل الفيزيائي,الشغل الميكانيكي,الفيزياء والشغل,هل الشغل خاصية انسانية,الشغل بين الحرية والاستلاب,الشبول

مفهوم الشغل

تقديــم المفهــوم:

    تمكن الإنسان من بسط سيطرته على الطبيعة، بفضل احتكاره للتقنية والعلم، فوظف خبراته ومهاراته في تطوير مجال الشغل، مما مكنه من تحويل الطبيعة إلى شكل يرضيه، وييسر حياته.

   وقد تمظهر تطوير الشغل في ارتباطه بالتخطيط المسبق، المعتمد على الوعي، وهذا ما كرس التصور الذي يعتقد بأن الشغل خاصية إنسانية، بحيث إن الإنسان استطاع عبر مر العصور أن يقسمه، ويحوله إلى مهام مجزءة، توفر الجهد والوقت من جهة، وتضمن الدقة من جهة ثانية. لكن تركيز النظر على الأبعاد ذات الطابع الربحي المحض، أغفل البعد الإنساني المرتبط بعلاقة هذا التطور بالقيم، فقد انعكس هذا حضور الآلة القوي في عملية الإنتاج وكذا تقسيم المهام عكسا على الإنسان، مما طرح إشكالية استلاب الشغل لحرية العامل. فهل الشغل خاصية إنسانية؟ وما انعكاسات تقسيمه على الإنسان؟ هل دفع الإنسان إلى التحرر أم استلب حريته؟  

المحور الأول: الشغل خاصية إنسانية 

1)إشكال المحور:

         قد تبدو فكرة اختصاص الإنسان بالشغل دون غيره غير واضحة بالشكل الذي يبعث على الارتياح، وذلك بالنظر إلى الأنشطة التي تقوم بها الحيوانات على اختلاف أصنافها، سواء تعلق الأمر بالبحث عن قوت عيشها، أو ببناء مساكن تأويها، أو حفظ بقائها، وهذا الأمر هو ما يدفع إلى طرح الأسئلة التالية:

  على أي أساس يمكن اعتبار الشغل خاصية إنسانية؟ ألا يمكن الحديث عن الشغل عند الحيوان؟ وما الذي يميز الإنسان كعامل، عن الحيوان ككائن يكافح من أجل الاستمرار؟

2)الشغل كفعل إنساني:

                            أولا: تحليل النص:

 تحليل نص" كارل ماركس"، ص 97 من الكتاب المدرسي.

أ‌) أطروحة النص:

   يعتبر الشغل خاصية تميز الإنسان عن غيره، لأنه مرتبط بالوعي باعتباره تخطيطا مسبقا، في حين تبقى الأنشطة الحيوانية حبيسة الفطرة.

ب‌)البنية الحجاجية:

 استند صاحب النص إلى مجموعة من الأساليب الحجاجية، نذكر منها:

ü      أسلوب التعريف: لتعريف الشغل، انطلق ماركس من تعريفين:

الأول: الشغل فعل يغير من خلاله الإنسان الطبيعة بناء على قواه الطبيعية، وهو هنا نشاط مشترك بين الإنسان والحيوان.

الثاني: الشغل مرتبط بالوعي، الذي يمكن الإنسان من تمثله ذهنيا قبل ترجمته على أرض الواقع، فهو بهذا المعنى مؤسس على تخطيط واع وهادف.

وذلك لكي يبدو الفرق جليا بين التعريف السطحي للشغل، الذي لا يميز بين الإنسان وغيره، وبين التعريف الجوهري، الذي يربطه بالعقل، والذي يجعل الشغل خاصية إنسانية.

 

ü      أسلوب المقارنة: قارن صاحب النص بين عمل العنكبوت وعمل الحائك، كما قارن بين عمل النحل وعمل المهندس،

ليثبت أن عمل الحيوان، وإن بلغ من الدقة درجة عالية، إلا أنه يبقى مرتبطا بالغريزة، أما عمل الإنسان فهو يرتبط بالتخطيط المسبق.

ج‌)   استنتاج:

  نستنتج من خلال هذا النص، أن الشغل في دلالته الخاصة هو مفهوم إنساني بامتياز، وهذا ما يفسر قدرة الإنسان على تطويره باستمرار، لتحصيل نتائج أفضل.

                     ثانيا: المناقشة:

موقف جلبير هوتوا.

   يرتبط الشغل بالقيم الإنسانية، بحيث لم يعد مرتبطا فقط بتحقيق الحاجات وحفظ الاستمرارية، بل تجاوز ذلك إلى مستويات أرقى، فقد أصبح مصدرا لسعادة الإنسان وحريته، كما أصبح محددا لهوية الفرد من خلاله ارتباطه بمجتمعه ومساهمته في تنمية وطنه، فالشغل يلعب دور الرابط الاجتماعي.

   من خلال ذلك، يرى جلبير هوتوا أن الشغل يعطي قيمة ومعنى لحياة الفرد والمجتمع، كونه يرسخ القيم التي يتأسس عليها الوجود الإنساني، ويمنح الفرد حرية واستقلالية، كما يتيح له التمتع بالحقوق الاجتماعية ما دام خاضعا لواجباته تجاه أفراد مجتمعه.

ثالثا: خلاصة تركيبية:

  يتضح من خلال الموقفين السابقين، أن الشغل خاصية إنسانية، سواء من حيث ارتباطه بالملكات العقلية والذهنية التي تتيح التفكير والتخطيط، أو من حيث ارتباطه بالقيم التي يكتسبها الإنسان من خلال ممارسته للشغل.

المحور الثاني: تقسيم الشغل.

ر   1)إشكال المحور:

  يعد تقسيم الشغل من بين أهم مظاهر تطوير هذا المجال بالنسبة للإنسان، بحيث تم تجزيء الشغل إلى مجموعة من المهام، وتقسيم كل مهمة إلى مجموعة من الاختصاصات، مما أدى إلى نتائج انعكست على الفرد والمجتمع، فما الذي دفع إلى التفكير في  تقسيم الشغل؟ وما نتائج هذا التقسيم على الإنسان؟

 2)دوافع تقسيم الشغل وانعكاساته:

موقف أفلاطون:

   إن المهمة الأساسية التي أنشئت الدولة من أجلها، هي تلبية حاجات الأفراد، ولما كانت الحاجيات كثيرة ومتنوعة، وجب التفكير في تقسيم الشغل إلى مجموعة من المهام، يؤدي منها كل فرد مهمة واحدة، حتى يكون الشغل أكثر جودة، وأسرع وأسهل بالنسبة لمزاوليه، بالتالي فتقسيم الشغل يعد أساسا من الأسس التي تنبني عليها الدولة، لما له من نتائج حسنة على الأفراد. فكلما التزم الفرد بالمهمة التي تسمح له بها قدرته ومهارته، والتي تلائم طبيعته، كان المجتمع أكثر عدالة وازدهارا.

موقف إيميل دوركايم:

   يرى السوسيولوجي دوركايم أن وجود الفرد مرهون بوجود مجتمع متماسك يلبي حاجيات أفراده، وبذلك يشعر الفرد باالإمتنان تجاه مجتمعه، فتتولد عن ذلك ضرورة التضحية التي يستوجبها بقاء واستمرارية النشاطات الاجتماعية.

   انطلاقا من ذلك جاءت فكرة تقسيم العمل بين الأفراد، ليتمكن كل فرد من الانخراط الفعال في المجتمع. فكانت لهذا التقسيم نتائج كبيرة على مستوى الوظائف والمهام، التي تطورت بفعل المنافسة وأصبحت أكثر مردودية، كما يساهم هذا التقسيم في التماسك الاجتماعي، إذ يصبح الفرد بمثابة عضو في جسم كبير، يستقي منه أسباب جوده ويقدم مقابل ذلك خدمات تضمن استمرارية هذا الوجود.

موقف جورج فريدمان:

     يرى فريدمان أن تقسيم الشغل انعكس سلبيا على الإنسان، ذلك أن تجزيء الشغل إلى مجموعة من العمليات البسيطة، وتوكيل مهمة إنجاز هذه العمليات للآلة، جعل الإنسان لا يشارك في عملية الإنتاج، ولا يبرز ذكاءه في ورشة العمل، بقدر ما ينجز عمليات متكررة وفارغة من أية قيمة فكرية أو إبداعية، بالتالي تم فصل التفكير عن العمل، في ظل نظام يجعل عملية التفكير والتخطيط تتم خارج ورشة العمل.          

    فإذا كان تقسيم الشغل قد حقق النتائج المادية المتوقعة منه، فإن ذلك كان على حساب دور الإنسان ومكانته، لأن العامل لم أصبح مجرد وسيلة تسخرها الآلة في بعض المهام البسيطة.

3)خلاصة تركيبية:

        انعكس تقسيم الشغل بشكل إيجابي على عملية الإنتاج، كونه عمل على الرفع من وتيرة الإنتاج وجودة المنتوج، لكن هذا الوجه الإيجابي قد لا تكون له قيمة أمام الانعكاس السلبي لهذا التقسيم على الإنسان كقيمة فكرية، وكطاقة إبداعية، فلكي يرفع الإنسان من مستوى الربح، اضطر ليحط من قيمته، في ظل تعويض اليد العاملة بالآلة، وفصل عمليات التفكير والتخطيط عن العمل، الأمر الذي أبرز قساوة تقسيم الشغل.

المحور الثالث: الشغل بين الحرية والاستلاب.

ر   1)إشكال المحور:

   يحقق الشغل نتائج مادية باهرة، كونه يخول للفرد فرصة تطوير  ملكاته الإبداعية والذهنية، وكذا تطوير المجتمع والمساهمة في ازدهاره، لكن عندما نتأمل الشغل كنظام دقيق وصارم لا ينجح إلا بتفاني العمال والتضحية بوقتهم وجهدهم وراحتهم، تصبح الصورة التي رسمناها في البداية باهتة ولا تعبر عن واقع الشغل بشكل دقيق.

   فهل يمكن اعتبار الشغل عامل من عوامل استلاب ح الإنسان؟ هل يمكن اعتبار النظام الذي يفرضه رب العمل على العامل حدا من حريته واستعبادا له؟ أم أن الشغل هو المجال الذي يبرز فيه الفرد ذاته، ويحقق حريته؟

ر   2)الشغل من الاستلاب إلى التحرر:

موقف ج.ج روسو:

     يرى جون جاك روسو  أن الإنسان كسول بطبعه، يميل إلى الراحة ويتجنب كل ما يسبب لها المشقة والتعب، وهذا هو السبب الذي يدفعه إلى الشغل، فهو يسعى من خلاله إلى بلوغ سبل الراحة، والتخلص من المشقة التي تفرضها عليه الطبيعة. وبذلك فالشغل في ذاته ليس مطلبا للإنسان، لأنه يقيده ويحول دون حريته، لكنه ضروري لضمان أسباب الراحة وتجنب الأخطار. انطلاقا من ذلك يمكن اعتبار  الشغل سلبيا في ذاته، لكنه إيجابي بالنظر  إلى نتائجه والثمار التي يجنيها الإنسان من ورائه.

موقف فريدريك نيتشه:

   يعمل الشغل حسب نيتشه على قتل الملكات الفكرية والطاقات الإبداعية للإنسان، فهو  يدفع الإنسان إلى الانخراط في عمل شاق لا يتلاءم مع إنسانيته بقدر ما يحول دون تطوره والإعلاء من شخصيته. فقد شبه نيتشه الشغل بالشرطي الأمثل، الذي يراقبك طال اليوم ليحول دون تحررك. وسبب تمجيده ومدحه حسبه راجع إلى الخوف من تفرد الفرد وتمرده على النمطية المريحة للمجتمع، فمن أجل خلق مجتمع متماسك كان لابد من تمجيد الشغل وحث الأفراد على الانخراط فيه، مع أن الإنسان يهدر فيه طاقاته مقابل الحصول على مآرب طبيعية وتلبية حاجات غريزية.

موقف ج.ب. سارتر:

     يرى سارتر أن الشغل يبدو  في البداية استلابا لحرية الفرد، عندما يكون كغاية يسعى إليها لتحقيق حاجياته والارتقاء بحياته، لكن حقيقة الأمر أن العامل هو جوهر عملية الإنتاج، لذلك كان إدراكه للدور الذي يقوم به في هذه العملية كفيلا ببداية مسيرته نحو التحرر. فالشغل الذي كان استلابا يمكن أن يصبح أداة تحرر عندما يدرك العمال أهميتهم في عملية الانتاج، لأن ذلك سيدفعهم إلى وضع الشروط الملائمة لهم، والاشتغال وفق ما يخدم مصالحهم, بدل الخضوع لشروط رب العمل. فعن طريق الشغل والإنتاج استطاع الإنسان تغيير التاريخ.

ر   3)خلاصة تركيبية:

        يمكن القول انطلاقا مما سبق أن الشغل استلاب لحرية الفرد من جهة، كونه عمل شاق يضطر الإنسان إلى الخضوع لشروطه من أجل تلبية حاجاته والارتقاء بحياته. لكنه من جهة أخرى يعد مصدر قوة للفرد، وأداة لتحريره من القيود.


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-