طريقة تحليل ومناقشة قولة فلسفية (تصحيح امتحان وطني)
جديد

طريقة تحليل ومناقشة قولة فلسفية (تصحيح امتحان وطني)


         نص الامتحان:


طريقة تحليل ومناقشة قولة فلسفية

  

 تعتبر الدولة مجالا خصبا لممارسة السياسة، فقد اقترن مفهوم السياسة منذ الفلسفة اليونانية بتسيير شؤون الدولة، على اعتبار أن الدولة نظام من المؤسسات  التي تؤطر حياة الناس وتنظمهم وفق أطروحات سياسية مختلفة. 

في هذا الإطار يمكن وضع القولة التي سنعالجها، باعتبارها تسلط الضوء على قضية مشروعية الدولة وغاياتها.  فهذه القضية تضمر مفارقة فلسفية وقف عندها الفلاسفة مطولا، بحيث أن الدولة من منظور اجتماعي هي تجمع بشري اتفق الناس على تنظيمه لخدمة مصالحهم المشتركة. لكن في معناها الأعمق نجد أنها تتجاوز الأفراد وتخدم مصالحها العليا باعتبارها كيانا مستقلا عنهم.

     فما الغاية من الدولة؟ هل أنشئت من أجل تحرير الفرد وضمان أمنه؟ أم أنها غاية في ذاتها؟

      تبين لنا بعد الأسئلة التي تم طرحها أننا أمام إشكالية استدعت من الفلاسفة تأملا عميقا في مفهوم الدولة، من أجل تحديد غاياتها وأسس مشروعيتها، وفي سياق ذلك نجد صاحب القولة يرى أن غاية الدولة هي تحقيق حرية الفرد. أي أن الدولة هي الكفيل الوحيد بتحرير الفرد من الخوف والخضوع للقوي،فهي تضمن له حرية التملك والتفكير والتعبير والسلوك وفق إرادته الحرة.

          لكن قد يبدو للقارئ أن الدولة على العكس مما سبق تكبح حرية الفرد، وهذا كلام صحيح، لكنه غير مناقض لأطروحة القولة، ومن أجل توضيحه وجب الوقوف عند المفاهيم المتضمنة في هذه القولة، وأساسها مفهوم الدولة، الذي يعني وفق سياق هذه القولة نظام محكم من المؤسسات والأجهزة التي أنشئت من أجل حماية حرية الفرد، وبذلك فلهذا المفهوم علاقة وطيدة بمفهوم الحرية، فالحرية المقصودة هنا هي الحرية المدنية، التي يكفلها القانون، فهي حرية محدودة تنتهي عند بداية حرية الآخر، لكنها مضمونة للجميع، ويقابلها المعنى الآخر للحرية التي تكبحها الدولة وتمنعها، وهي الحرية الطبيعية التي يسلك فيها الإنسان وفق غرائزه. إذن فنحن أمام حرية مشروعة ومطلوبة، تضمنها الدولة، وحرية غير مشروعة ومرفوضة، تكبحها وتمعها الدولة.

         ولمزيد من التوضيح، يمكننا أن نمثل لذلك بالعبودية التي سادت قبل ظهور المعنى الحديث للدولة، فقد كان القوي يستعبد الضعيف ويسلبه حريته، وهو الأمر الذي أصبح محضورا بقوة القانون، حيث أصبح المواطنون سواسية في الحرية والحقوق.

  يبدو بأن صاحب القولة قد وضع يده على إحدى أهم الغايات التي أنشئت الدولة من أجلها، والتي تبدت واضحة في مفهوم الدولة الديمقراطية، حيث أصبح المواطن يساهم في تشريع القوانين وتحديد القرارات المصيرية، في حرية تامة مكفولة للجميع، ومن أجل تعزيزما ورد في القولة، سننتقل إلى موقف فلسفي يتفق تماما مع ما تضمنته، يتعلق الأمر بموقف اسبينوزا الذي رأى بدوره أن الحرية هي الغاية الجوهرية للدولة..

         يتضح بأن هذا الموقف قوي، وله شواهد واقعية وتاريخية لا يمكن إنكارها، لكن ذلك سيكون صحيحا إذا كنا فعلا أسسنا الدولة بمحض إرادتنا، ووضعنا شروطنا في طريقة تدبير شؤوننا وخدمة مصالحنا، والحال أن الدولة أقوى وأعمق من أن تصبح مجرد وسيلة في الأفراد، يتخلصون منها متى شاءوا، ومن أجل التوسع في هذه الفكرة، سننتقل إلى موقف هيغل، الذي رفض كل ما سبق، ورأى في المقابل أن ....

        نخلص في الأخير إلى أن إشكالية مشروعية الدولة وغاياتها قد عرفت اختلافا في وجهات نظر الفلاسفة، فقد وجدنا أنفسنا أمام تصورين متعارضين، تصور فلاسفة العقد الاجتماعي الذي اتفقوا على أن الأفراد أسسوا الدولة لخدمة مصالحهم، وتصور هيغل الذي رأى أن الدولة غاية في ذاتها.

          أما بالنسبة لوجهة نظري فأرى بأن المعنى الكلي الجوهري لمفهوم الدولة، وضرورة احترام وجودها لا ينفي أن غايتها تنظيم حياة الأفراد وضمان حقهم في الحرية والأمن وغيرها، والدليل على ذلك أن العقد الذي أصبح يتجسد في صورة دستور يصادق عليه الأفراد صار هو المحدد لغاية الدولة.

لمزيد من الشرح تابع هذا الفيديو:

https://www.youtube.com/watch?v=qvml7RWthzM&t=708s

 

 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-