مفهوم المجتمع. المحور الثالث: المجتمع والسلطة.
جديد

مفهوم المجتمع. المحور الثالث: المجتمع والسلطة.

 


المحور الثالث: المجتمع والسلطة.

1) إشكال المحور:

  يرتبط مفهوم السلطة في العموم بالمؤسسات ذات الطابع السياسي والأمني داخل الدولة. لكن المجتمع يمتلك من السلطة ما قد يفوق تأثيره سلطة الدولة، وذلك لأنها سلطة قهرية تعمل على خلق الفرد وفق معايير محددة، لا فقط التدخل في تنظيم حياته الاجتماعية وتسيير شؤونه المدنية.

    فما المجتمع؟ وما السلطة؟ وما تجليات السلطة الاجتماعية المفروضة على الأفراد؟ هي تتمثل فقط في سلطة الدولة؟ أم تتجاوزها إلى أشمل من ذلك؟

2) مفاهيم المحور:

  أ) المجتمع:

 هو مجموعة  من الأفراد الذين يتقاسمون العيش في بقعة جغرافية محددة، ضمن نسق من المؤسسات التي تؤطر الحياة الجماعية للأفراد، وفق قوانين وأعراف وتقاليد متوارثة.

 ب) السلطة:

  السلطة هي القوة والحق الكفيلان بالتحكم في الآخرين وتحديد سلوكهم، فالسلطة السياسة هي امتلاك الحق في إخضاع أفراد الشعب للقوانين والقرارات التي تتخذها الهيئة الحاكمة.

3) مواقف الفلاسفة:

  أ) موقف ماكس فيبر:

   يرى ماكس فيبر أن مصادر السلطة تنوعت عبر التاريخ وتوزعت إلى ثلاثة أصناف،  فتمثلت في سلطة تحتكر حق ممارسة العنف المادي، سواء من خلال سلطة الأمس الأزلي، أو السلطة النابعة من الشخصية الكارزمية للقائد، أو من السلطة الشرعية. لكن تعبر جميعها عن حق يحتكره شخص أوجماعة يخول له التحكم في الآخرين وفرض سلطته عليهم، بالاعتماد على العنف المشروع، الذي يجعل الخصوع له إجباريا. بناء على ذلك جعل ماكس فيبر قيام الدولة مستحيلا دون وجود أشخاص مسودين خاضعين لأسياد يحددون سلوكهم ونمط عيشهم، ويوزعون عليهم الحقوق ويفرضون عليهم الواجبات.

  ب) موقف ألكسيس دو توكفيل:

  تمارس المجتمعات الحديثة سلطة جبارة على الفرد، يتحول تحت وطأتها إلى كائن منعزل ومنشغل بتحقيق ملذاته، فتمنعه من التفكير خارج هذه الغاية. أي أن السلطة المتحكمة داخل المجتمع تحول الحشود من الناس إلى أفراد متشابهون، كأنهم نسخة لبعضهم البعض، لا يفكرون خارج الحدود المفروضة عليهم، ولا يفعلون أكثر من البحث عن تلبية شهواتهم. 

 وهكذا يخضع الفرد داخل المجتمع إلى سلطة لينة لا تمارس عليه عنفا ماديا، فتكبح جماع فكره، وتمنعه من تطوره نفسه.

  ج) موقف سيغموند فرويد:

     يرى فرويد أن المجتمع يمارس قهرا على الفرد يجبره من خلاله على الخضوع لنظام دخيل على طبيعته، يشعره بالاغتراب، وهو ما ينعكس سلبا على تكوين شخصية الفرد، فسلطة المجتمع تفرض على الفرد مبادئ غريبة عن طبيعته، تجبره على التخلي عن الأنانية، والعمل من أجل الغير. أي أن سلطة المجتمع تمنع الفرد من التعبير عن حقيقته، وتفرض عليه كبح غرائزه والظهور بمظهر برضي الآخرين.

4) خلاصة تركيبية:

    تتعدد أنواع السلط وتختلف أشكالها، بين سلطة الدولة وسلطة المؤسسات الاجتماعية، لكن جوهرها واحد وهدفها ثابت، يتمثل في تكبيل الأفراد وتطويق سلوكهم بمجموعة من القوانين والواجبات الأخلاقية والدينية وما تقتضيه الأعراف والتقاليد. 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-