مجزوءة الوضع البشري | مفهوم الشخص | محور الشخص والهوية
جديد

مجزوءة الوضع البشري | مفهوم الشخص | محور الشخص والهوية

مفهوم الشخص,الشخص والهوية,الشخص,الشخص والهوية مفاهيم,ملخص مفهوم الشخص,فلسفة الشخص والهوية,الشخص والهوية خلاصة,محور الشخص والهوية (مفهوم الشخص),الشخص والهوية جون لوك,نص فلسفي الشخص والهوية,شرح محور الشخص والهوية,الشخص والهوية فرويد,نموذج الشخص والهوية,الشخص والهوية مواقف الفلاسفة,مفهوم الشخص مجزوءة الوضع البشري,مفهوم الشخص الآخر,الشخص والهوية نوال القاني,هوية الشخص,شرح مفهوم الشخص,الشخص والهوية الثانية باكالوريا,مفهوم الشخص ملخص

المجزوءة الأولى: الوضع البشري.

    تقديـــم المجزوءة:

      اتخذت الفلسفة من الإنسان موضوعا أساسيا لها منذ بزوغ فجرها، من هذا المنطلق كان الوضع البشري أحد أهم مباحث الفلسفة، حيث وقف الفلاسفة على مختلف أبعاد الوجود الإنساني، سواء في علاقة الذات بذاتها، أو في علاقتها بأشباهها، أو في امتدادها التاريخي، لذلك كان هذا المبحث متفرعا إلى ثلاثة أبعاد: بعد ذاتي، يتعلق بمعالجة مفهوم الشخص، ومحدداته المرتبطة بهويته، وقيمته، وموقعه بين الضرورة والحرية. وبعد علائقي تفاعلي، متمثل في مفهوم الغير، وحضوره داخل الذات، ومعرفته، والعلاقة التي تربط الأنا به. وبعد زماني، متمثل في مفهوم التاريخ، ودور الإنسان فيه. وهكذا تتضح معالم الإشكاليات التي سنعالجها في موضوع الوضع البشري، والتي يمكن أن نعبر عنها بالأسئلة التالية:

      كيف يتحدد مفهوم الشخص ككيان مستقل، يتمتع بقيمة تسمو به عن جميع ما سواه؟ وما طبيعة العلاقة التي تربطه بغيره من الأشباه؟ وما هي أبرز سمات التطور الذي شهده الإنسان عبر التاريخ؟

     في محاولتنا إيجاد أجوبة مقنعة عن هذه الأسئلة المطروحة، سنحاول تسليط الضوء على المواقف الفلسفية التي عملت على سبر أغوار الوضع البشري في أبعاده المذكورة أعلاه.


 مفهوم الشخص

تقديــم المفهــوم:

    يتجاوز مفهوم "شخص" مفهوم "إنسان"، من حيث إن الأول أخص من الثاني، فإذا كنا نستطيع إدراج كل إنسان تحت مجموعة من الخصائص العامة والمشتركة، فإننا لا نستطيع أن نعمم مجموعة من الخصائص والمميزات على كل الأشخاص، ذلك أن مفهوم الشخص يعكس هوية تحدد سمات تجعل كل شخص يختلف عن الآخر.

    يطرح مفهوم الشخص بناء على ذلك إشكالية متعلقة بتحديد هذه الهوية، أي بالتوصل إلى ما يمكن أن يجعل الشخص حاملا لخصائص ثابتة، لا تتحول تحت تأثير الزمان والمكان، كما يطرح هذا المفهوم إشكالية تتعلق بمصدر قيمة الشخص، ذلك أن الفلاسفة قد اختلفوا في تحديد هذا المصدر، الأمر الذي يحيلنا إلى معالجة هذا المفهوم كذلك في علاقته بمفهومي الضرورة والحرية، من حيث إن إمكانية الحديث عن حرية الشخص في اختياراته وسلوكاته لا تنفي إمكانية الحديث عن حتميات تختلف أبعادها وتعمل على تقييد الفرد +وتوجيهه نحو اقتراف أفعال سيئة لا يرضاها لنفسه في الوقت الذي يشعر بالعجز عن التحكم فيها.


 ــــــ المحور الأول: الشخص والهويــة:ــــــــ

          1) الدلالة المعجمية لمفاهيم المحور:

 مفهوم الشخص:

     لسان العرب: الشخص سواد الإنسان الذي تراه من بعيد...والشخص كل جسم له ارتفاع وظهور، والمراد إثبات الذات. من خلال هذا التعريف يتضح أن معنى الشخص يحيل إلى الظهور والبروز والعظمة.

   اللسان الفرنسي: ترجع كلمة Personne إلى Persona في اللغة اللاتينية، والتي تعني القناع الذي يتستر وراءه الممثل في المسرحية، بحيث يؤدي الدور المنوط به عبر إخفاء حقيقته.

      المعجم الفلسفي: يدل مفهوم الشخص على الذات الواعية لكيانها، المستقلة في إرادتها، الحرة في تصرفاتها، فيقال الشخص في مقابل الشيء.

من خلال هذا التعريف نخلص إلى أن مفهوم الشخص يحيل إلى كيان يحمل مجموعة من الخصائص التي تجعله يختلف عن غيره، من خلال الدور الذي يلعبه في الحياة.

ب‌    مفهوم الهوية:

     يشتق المعنى اللغوي لمصطلح الهوية من الضمير هو، ويشير مفهوم الهوية إلى ما يكون به الشيء هو هو من حيث تجسده وتحققه في ذاته وتميزه عن غيره.

ويشير هذا المفهوم فلسفيا إلى حقيقة الشيء المطلقة المشتملة على سماته الجوهرية التي تميزه عن غيره، فتشير مثلا الهوية الثقافية لشعب معين إلى المخزون التاريخي والعادات والتقاليد والأعراف والدين وغيرها، التي تميز هذا الشعب عن غيره.

أما هوية الشخص فتحيل إلى السمات الجوهرية للفرد، التي تجعله مطابقا لذاته في مختلف الأزمنة والأمكنة، ومتميزا عن غيره بهذه السمات.

           2) إشكال المحور:

     يمر الشخص في مختلف فترات عمره عبر محطات تحدث عليه تغيرا إما جسديا أو نفسيا أو ذهنيا أو اجتماعيا، لكنه في خضم ذلك يستشعر بوحدة وتطابق مع ذاته بشكل يجعله يغفل تلك التغيرات، وهنا تكمن إشكالية الهوية التي تتمثل في تحديد الخصائص الثابتة لدى كائن دائم التغير والتطور، فما أساس هذه الهوية؟

            3) أساس هوية الشخص:

أولا: تحليل النص:

تحليل نص جون لوك John Locke  (1704-1632)  "في رحاب الفلسفة" ص 15.

Ø     أطروحة النص:

    ترتبط هوية الشخص حسب الفيلسوف الإنجليزي جون لوك بالفكر المقترن بالشعور، فالشخص يدرك ذاته عند اتصاله بمحيطه واستقباله الإدراكات الحسية التي تحدد تطابقه مع ذاته من جهة، وتميزه عن غيره من جهة ثانية، وتمتد هذه الهوية في الزمان بقدر احتفاظ الذاكرة بهذا الوعي الحسي.

Ø     تحليل الأطروحة:

لتقديم أطروحته ومعالجة الإشكال المطروح، اعتمد صاحب النص على بنية حجاجية  متماسكة. سندرجها في الجدول الآتي:

الأسلوب المستعمل

المؤشرات الدالة عليه في النص

مضمونه

 

أسلوب التعريف

 

( .... ما تحتمله كلمة شخص من معنى )

عرف جون لوك الشخص بكونه كائنا مفكرا عاقلا، وهذا العقل يتشكل من خلال التجربة التي تمده بالمعرفة، وبهذا يكون أساس الشخص ومنبع تعقله هو الشعور.

أسلوب النفي

( وهذا الشعور لا يقبل الانفصال عن الفكر...)

يرفض جون لوك من منطلق تصوره التجريبي أن ينفصل الفكر عن الشعور، أي أن نفكر بشكل مجرد عن الحواس، وبالتالي لا يمكن النظر إلى الفكر كجوهر متعال عن الواقع.

أسلوب الشرط

(عندما نعرف أننا نسمع ... فإنما نعرف ذلك ...)

لا يمكن أن تتشكل الهوية الشخصية إلا إذا حدث الاتصال بالواقع من خلال الحواس، فأثناء ذلك فقط يتشكل الوعي بالذات، ويشعر الشخص أنه هو هو في ذاته.

Ø    استنتاج:

    يمكننا القول بناء على هذا الموقف، وكذا مواقف كل الفلاسفة التجريبيين، أن الشخص يدرك ذاته من خلال الفكر المقترن بالشعور، وبهذا يتكون الإحساس بالذات ويجد الشخص في ذاته انسجاما تطابقا، من خلال ذلك نجد جون لوك لا يؤمن بأن الشخص جوهر ثابت لا يتغير.

                                    قيمة الأطروحة وحدودها:

     معلوم أن التيار التجريبي أثرى تاريخ الفلسفة وكشف عن بعد مهم من أبعاد الشخص، وهو البعد الشعوري الذي يلعب دورا محوريا في تشكيل معارفه وإدراكه لذاته. لكن مع ذلك لا يمكن حصر هوية الشخص في البعد فقط، فهل هناك مكونات أخرى لهوية الشخص؟

ثانيا: مناقشة النص:

Ø موقف جول لاشوليي  Jules Lachelier(1832 ـــــــ 1918)  "مباهج الفلسفة" ص 12.

        يرى جول لاشوليي أن تحديد هوية الشخص التي تجعله وحدة مركبة من سمات ثابتة، يقتضي استقرار نفس الطبع أو نفس المزاج في مختلف الفترات العمرية للشخص من جهة، ويشترط من جهة أخرى ترابط الذكريات في شريط متسق يحافظ على حسن الترابط بين الماضي والحاضر. فالشخص هو خلاصة لسلسلة من المحطات النفسية، التي تشكل منه ذاتا تتسم بنوع محدد من ردود الفعل التي تغلب على صاحبها.

        وبذلك تكون هوية الشخص ثابتة لفترة مؤقتة، ووفق شروط معينة، ففي حالة فقدان الذاكرة مثلا يفقد الشخص هويته، فالهوية بهذا المعنى تتشكل بشكل تراكمي مرهون بالاستمرارية والتماسك التي تسم استمرار نفس الشخص في مختلف الفترات التي يعيشها.

Ø     موقف آرثر شوبنهاور (22 فبراير 1788 – 21 سبتمبر 1860 م)

رفض شوبنهاور ربط هوية الشخص بصفات عرضية زائلة وخاضعة لتأثير الزمان، وبذلك نفى ربط الهوية بمادة الجسم أم صورته، كما نفى ربطها بالشعور أو الذاكرة، بل نفى ربطها أيضا بالوعي. فعلى أي أساس تقوم الهوية اذن؟

    إن هوية الشخص تتأسس على الصفة الجوهرية التي لا تؤثر فيها التقلبات الزمانية، لذلك رأى شوبنهاور أن الإرادة هي التي تحدد هوية الشخص، وهي جوهره الذي لا يفنى ولا يتغير. فالشخص يكسب كل صفاته الأخرى بواسطة إرادته، لأنه في كل اختياراته وكل أفعاله نجده يتأرجح بين "أريد" و "لا أريد".

                      4) خلاصة تركيبية:

    من خلال معالجتنا لهذه المواقف، اتضح أن كل فيلسوف حدد هوية الشخص تحديدا يستجيب لمرجعيته الفكرية وانتمائه الفلسفي، فهناك من ذهب إلى تحديد الهوية سيكولوجيا، من خلال ربطها بالطبع والذاكرة (لاشوليي)، وهناك من نظر إلى الهوية من منظور سوسيولجي، نظرا لتأثير المجتمع في تحديد صفات الشخص، وهناك من ربطها بالإرادة. بحيث إن الشخص ليس إلا عضوا داخل جسم كبير هو المجتمع.

    يمكن أن نستنتج من خلال هذه المواقف، أنها على الرغم من اختلافها، تحدد في مجموعها رؤية متكاملة للهوية الشخصية، ذلك أن هوية الشخص يمكن أن تتحدد بناء على مجموعة من العوامل، منها ما هو سيكولوجي، ومنها ما هو اجتماعي، ومنها ما يرتبط بالإرادة، فلا يمكن أن نستثني أحد هذه العوامل نظرا لأهمية كل منها في تحديد هوية الشخص.

   إليكم الشرح بالفيديو


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-